الأربعاء، 2 مايو 2012

غوغائية لترسيخ العبودية / أحمد ولد جدو


بعد حالة الهرج والمرج والتشجنج والغضب والغليان والزعاق التي حدثت بعد حرق "بيرام "لبعض الكتب الدينية التي يعتمد عليها الشعب الموريتاني وفقائه ...والتي أصبحت تلامس وجدانهم وتعد من مقدساتهم ومن خطوطهم الحمراء التي لايمكن تجاوزها أو المساس بها.
أصبحت أسمع أصوات يطبعها الحقد والعنصرية  تتعالى وتخرج من الجحور المنتنة تقول أن العبودية غير موجودة وأن بيرام فعل هذا لأن الدولة لم تسحق تحركاته المناهضة للعبودية في مهدها.
حتى أنني صمت أذني من الخطابات العنصرية التي بثت في كل مكان حتى تشبع منها الشارع...فأكثر الجمل التي أسمع هذه الأيام.
"هم فعلوا هذا لانهم أصبحوا يجلسون معنا على فراش واحد ...فعلوا هذا لان أصبح منهم الوزير والحاكم والنائب ...فعلوا هذا لانهم شبعوا".
"علينا إعادتهم لاصلهم علينا إيقافهم عند حدهم ...كفانا تساهلا وخوفا من  منظات حقوق الانسان ...هم ليسوا بشرا ولاحقوق له".
وأصبح الخطاب الرائع الذي تطرب له االاَذان ويصفق له النظام هو إنكار وجود العبودية في مورتانيا ...فالحديث عنها يسبب الازعاج لصاحبه بل يتهم بالتأمر مع بيرام ودعمه.
هذه الحالة المرضية إن استمرت قد تقضى على تماسك هذا الشعب، لذا يجب التنويه  أن العبودية موجودة ولايمكن اخفائها بالهرج والمرج وايصال الشعب الى الحالة الغوائية ... وأن بيرام لايعني العبودية لذلك ...ساسرد قصصا من واقع عبيد موريتانيا.


العبودية موجودة باقرارالمحاكم:
قام القضاء الموريتاني هذه السنة وفي سابقة من نوعها باصدار حكم بحق أسرة موريتانية كانت تستعبد الطفلين "سعيد "و"يرك" بالسجن والغرامة، حيث أكدت المحكمة الجنائية بنواكشوط أن الطفلين  خضعا للممارسات الاسترقاقية من قبل أسرة موريتانية.
فقد ذاق  الطفلين في كنف هذه الأسرة مرة العذاب وعاشا عبدين  مستغلين من طرف هذه أفراد الاسرة وحرموا من التعليم ومن طفولتهم ومن إنسانيتهم...عاشوامحتقرين منبوذين كالحيوانات.
عبودية ونخاسة واغتصاب :
قبل أشهر كشفت "حركة الحر" عن قضية طفلتين  هربتا من مالكهم الذي كان يؤجرهم للعمل.
إحداهن  تبلغ من العمر 14 عاما ولديها طفل نتيجة تعرضها للاغتصاب من طرف أحد الراعاة الذين يعملون عند الشخص الذي أجرها له مالكهم.
والأخرى تبلغ من العمرعشرة سنوات فقط لم تعرف يوما طفولة بريئة، وعاشت حياتها معذبة تتعرض للضرب بشكل يومي من مالكها .
وكذلك يمكن أن نذكر قضية أمباركة من أساتيم التي تعرضت هي الاخرى للاغتصاب من طرف مالكها .
هذه القصص غيض من فيض ففي القرى الموريتانية مازال الرجل يدخل على "أمته " بدون عقد لانها ملك يمنيه.
والأطفال يحرمون من التعليم ومن طفولتهم من أجل خدمة أسيادهم.
فالعبودبة ظاهرة للعيان ونكرانها جريمة وكبيرة ولن يتسبب إلا في مزيد من الاحتقان والاستقطاب العنصري الطبيقي.
فالعبيد لن يظلوا ساكتين ومواجهة العبودية بالقمع والتنكيل والخطاب المتطرف  المضاد لن ينتج عنه إلا تطرفا وحقدا وصراعا.
فتطرف بيرام مثلا، هو نتاج هذه الاستقطاب وحرقه للكتب التي يقول أنها تمجد الاسترقاق ماهو إلا ردة فعل على هذه الحالة.فهو نتاج دهر من الدونية والاستعباد والاسترقاق.

فمثلا عندما أحرق بيرام الكتب الدينية قامت الدنيا ولم تقعد لأنه ينتمي لطبقة "الحراطين"...في حين موريتانيا يتجول فيها من سنين من يدعي أنه"المهدي المنتظر"من دون أن يتعرض له أحد بكلمة فقط لأنه "بيظاني".

لذى من اللازم أن نحاول معالجة  هذه القضية بالحوار الحقيقي الذي يشعر فيه كل طرف أنه ذا راى وانه مسموع الكلمة.

لا أن يكون مجرد مستمع... حوار حقيقي تطبعه الندية ...فالتكن الحجة والبرهان هم الفيصل في القضية ومن يقدم فكرا أنضج يطبق.
أما دفن الرأس في التراب كالنعامة وإنتهاج أسلوب الغوغاء لن يكون إلا طريقا إلى خلق شعب غوغائي متنافر متصارع .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق